أحداث هجرة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة
The events of the migration of the Prophet Muhammad from Mecca to Medina
عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجبريل: (من يهاجر معي؟ قال: أبو بكر الصديق).
ومن حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (بينما نحن يومًا جلوس في بيت أبي بكر في نحو الظهيرة قال قائل لأبي بكر: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم متقنعًا في ساعة لم يكن يأتينا فيها، فقال أبو بكر فدى له أبي وأمي، والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر.
قالت: فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستأذن، فأذن له، فدخل، فقال النبي لأبي بكر: أخرج من عندك” فقال أبو بكر: إنما هم أهلك بأبي أنت يا رسول الله، قال: فإني قد أذن لي في الخروج” فقال أبو بكر: الصحابة بأبي أنت يا رسول الله، قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم، قال أبو بكر: فخذ بأبي أنت يا رسول الله إحدى راحلتي هاتين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بالثمن”
نوم علي في فراش النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الهجرة
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: “شرى علي نفسه، ولبس ثوب النبي صلى الله عليه وسلم، ثم نام مكانه: وكان المشركون يرمون رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كان رسول الله عليه وآله وسلم ألبسه بردة، وكانت قريش تريد أن تقتل النبي صلى الله عليه وسلم، فجعلوا يرمون عليًّا، ويرونه النبي صلى الله عليه وسلم، وقد لبس برده، وجعل علي رضي الله عنه يتضور، فهذا هو علي، فقالوا: إنك للئيم إنك لتتضور، وكان صاحبك لا يتضور، ولقد استنكرناه منك”.
عن محمَّد بن كعب القرظي قال: “لما اجتمعوا له، وفيهم: أبو جهل بن هشام فقال: وهم على بابه: إن محمدًا يزعم أنكم إن تابعتموه على أمره، كنتم ملوك العرب والعجم، ثم بعثتم من بعد موتكم، فجعلت لكم جنات كجنات الأردن، وإن لم تفعلوا كان له فيكم ذبح، ثم بعثتم من بعد موتكم، ثم جعلت لكم نار تحرقون فيها.
قال: وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ حفنة من التراب في يده، ثم قال: (أنا أقول ذلك، أنت أحدهم)، وأخذ الله تعالى على أبصارهم عنه، فلا يرونه، فجعل ينثر ذلك التراب على رؤسهم وهو يتلو هؤلاء الآيات من يس {يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (4) تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5)} إلى قوله: {فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ} حتى فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من هؤلاء الآيات، ولم يبق منهم رجل إلا وقد وضع على رأسه ترابًا، ثم انصرف إلى حيث أراد أن يذهب.
فأتاهم آت فيمن لم يكن معهم، فقال: ما تنظرون ها هنا؟ قالوا: محمدًا، قال: خيبكم الله! قد والله خرج عليكم محمَّد، ثم ما ترك منكم رجلًا إلا وضع على رأسه ترابًا، وانطلق لحاجته، أفما ترون ما بكم؟
قال: فوضع كل رجل منهم يده على رأسه، فإذا عليه تراب، ثم جعلوا يتطلعون فيرون عليا على الفراش متسجيًّا بِبُرد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقولون: والله إن هذا لمحمد نائمًا، عليه برده. فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا فقام علي رضي الله عنه عن الفراش فقالوا: والله لقد كان صدقنا الذي حدثنا”
لقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لينطلق إلى الغار ومعه أبو بكر، فجعل يمشي ساعة بين يديه وساعة خلفه، حتى فطن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (يا أبا بكر ما لك تمشي ساعة بين يدي وساعة خلفي؟)
فقال: يا رسول الله! أذكر الطلب فأمشي خلفك، ثم أذكر الرصد فأمشي بين يديك، فقال: (يا أبا بكر، لو كان شيء أحببت أن يكون بك دوني)، قال: نعم والذي بعثك بالحق ما كانت لتكون من ملمة إلا أن تكون لي دونك، فلما انتهيا إلى الغار، قال أبو بكر: مكانك يا رسول الله حتى استبرئ لك الغار، فدخل واستبرأ حتى إذا كان في أعلاه، ذكر أنه لم يستبرئ الحجرة، فقال: مكانك يا رسول الله حتى استبرئ الحجرة، فدخل واستبرأ ثم قال: انزل يا رسول الله
المعلى بن زياد عن الحسن: انطلق النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر إلى الغار فدخلا فيه، فجاء العنكبوت فنسجت على باب الغار، وجاءت قريش يطلبون النبي صلى الله عليه وسلم فكانوا إذا رأوا على باب الغار نسج العنكبوت قالوا لم يدخله أحد وكان النبي صلى الله عليه وسلم قائمًا يصلي، وأبو بكر يرتقب، فقال أبو بكر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم: فداك أبي وأمي هؤلاء قومك يطلبونك، أما والله ما على نفسي أبكي ولكن مخافة أن أرى فيك ما أكره، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم لا تحزن إن الله معنا.
عن قيس بن النعمان السكوني قال: انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر مستخفيان من قريش فمروا براع فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم هل من شاة ضربها الفحل؟ قال: لا، ولكن ها هنا شاة قد خلفها الجهد. قال: ائتني بها، فأتاه بها فمسح ضرعها ودعا بالبركة، فحلب فسقى أبا بكر ثم حلب فسقى الراعي، ثم حلب فشرب. فقال له: تالله ما رأيت مثلك، من أنت؟ قال: إن أخبرتك تكتم علي؟ قال: نعم. قال: أنا محمَّد رسول الله، قال: أنت الذي تزعم قريش أنك صابئي؟ قال: إنهم يقولون ذلك. قال: فإني أشهد أنك رسول الله وإنه لا يقدر على ما فعلت إلا رسول، ثم قال له: اتبعك؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أما اليوم فلا، ولكن إذا سمعت أنَّا قد ظهرنا فائتنا، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما ظهر بالمدينة.
عن حبيش بن خالد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج من مكة وخرج منها مهاجرًا إلى المدينة وهو وأبو بكر رضي الله عنه ومولى أبي بكر عامر بن فهيرة رضي الله عنه ودليلهما الليثي عبد الله بن الأريقط، مروا على خيمتي أم معبد الخزاعية وكانت برزة جلدة تحتبي بفناء القبة ثم تسقي وتطعم، فسألوها لحمًا وتمرًا ليشتروه منها فلم يصيبوا عندها شيئًا من ذلك، وكان القوم مرملين مسنتين فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة في كسر الخيمة فقال: ما هذه الشاة يا أم معبد؟ قالت: خلفها الجهد عن الغنم. قال: فهل بها من لبن؟ قالت: هي أجهد من ذلك. قال: أتأذنين أن أحلبها؟ قالت: بلى بأبي أنت وأمي نعم إن رأيت بها حلبًا فاحلبها. فدعا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح بيده ضرعها وسمى الله عز وجل ودعا لها في شاتها، فتفاجت عليه ودرت واجترت ودعا بإناء يريض الرهط فحلب فيها ثجا حتى علاه البهاء، ثم سقاها حتى رويت وسقى أصحابه حتى رووا وشرب آخرهم صلى الله عليه وسلم، ثم أراضوا، ثم حلب فيها ثانيًا بعد بدء حتى ملأ الإناء ثم غادره عندها، ثم بايعها وارتحلوا عنها، فما لبثت حتى جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزًا عجافًا يتساوكن هزلًا ضحى مخهن قليل، فلما رأى أبو معبد اللبن عجب وقال: من أين لك هذا اللبن يا أم معبد والشاة عازب حيال ولا حلوبة في البيت؟ قالت: لا والله إلا أنه مر بنا رجل مبارك من حاله كذا وكذا. قال: صفيه لي يا أم معبد. قالت: رأيت رجلًا ظاهر الوضاءة أبلج الوجه حسن الخلق، لم تعبه ثجلة ولم تزر به صعلة، وسيم في عينيه دعج. وفي أشفاره وطف، وفي صوته صهل وفي عنقه سطع، وفي لحيته كثاثة، أزج أقرن، إن صمت فعليه الوقار، وإن تكلم سماه وعلاه البهاء، أجمل الناس وأبهاه من بعيد، وأحلاه وأحسنه من قريب، حلو المنطق فصل لا هذر ولا تزر، كأن منطقه خرزات نظم يتحدرن، ربع لا تنساه عين من طول ولا تقتحمه عين من قصر، غصن بين غصنين فهو أنضر الثلاثة منظرًا وأحسنهم قدرًا، له رفقاء يحفون به إن قال انصتوا لقوله، وإن أمر تبادروا إلى أمره، محفود محشود لا عابس ولا مفند قال أبو معبد هو والله صاحب قريش الذي ذكر لنا أمره ما ذكر بمكة، ولقد هممت أن أصحبه ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلا، فأصبح صوت بمكة عليًا يسمعون الصوت ولا يدرون من صاحبه وهو يقول:
جزى الله رب الناس خير جزائه … رفيقين قالا خيمتي أم معبد
هما نزلاها بالهدى واهتدت به … فقد فاز من أمسى رفيق محمَّد
فيا لقصي ما زوى الله عنكم به … من فعال لا تجارى وسؤدد
ليهن بني كعب مكان فتاتهم … ومقعدها للمؤمنين بمرصد
سلوا أختكم عن شاتها وإنائها … فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد
دعاها بشاة حائل فتحلبت عليه … صريحًا ضرة الشاة مزبد
فغادرها رهنا لديها لحالب … يرددها في مصدر ثم مورد
فلما أن سمع حسان بن ثابت بذلك شبب يجيب الهاتف وهو يقول:
لقد خاب قوم زال عنهم نبيهم … وقدس من يسري إليهم ويغتدي
ترحل عن قوم فضلت عقولهم … وحل على قوم بنور مجدد
هداهم به بعد الضلالة ربهم … وأرشدهم من يتبع الحق يرشد
وهل يستوي ضلال قوم تسفهوا … وهل عمايتهم هاد به كل مهتد
وقد نزلت منه على أهل يثرب … ركاب هدى حلت عليهم بأسعد
نبي يرى ما لا يرى الناس حوله … ويتلو كتاب الله في كل مسجد
وإن قال في يوم مقالة غائب … فتصديقها في اليوم أوفي ضحى الغد
ليهن أبا بكر سعادة جده … بصحبته من يسعد الله يسعد
ليهن بني كعب مكان فتاتهم … ومقعدها للمؤمنين بمرصد
عن سراقة بن مالك بن جعشم ، قال : لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة مهاجرا إلى المدينة ، جعلت قريش فيه مئة ناقة لمن رده عليهم . قال : فبينا أنا جالس في نادي قومي إذ أقبل رجل منا ، حتى وقف علينا ، فقال : والله لقد رأيت ركبه ثلاثة مروا علي آنفا ، إني لأراهم محمدا وأصحابه ، قال : فأومأت إليه بعيني : أن اسكت ، ثم قلت : إنما هم بنو فلان ، يبتغون ضالة لهم ، قال : لعله ، ثم سكت . قال : ثم مكثت قليلا ، ثم قمت فدخلت بيتي ، ثم أمرت بفرسي ، فقيد لي إلى بطن الوادي ، وأمرت بسلاحي ، فأخرج لي من دبر حجرتي ، ثم أخذت قداحي التي أستقسم بها ، ثم انطلقت ، فلبست لأمتي ، ثم أخرجت قداحي ، فاستقسمت بها ، فخرج السهم الذي أكره لا يضره . قال : وكنت أرجو أن أرده على قريش ، فآخذ المئة الناقة . قال : فركبت على أثره ، فبينما فرسي يشتد بي عثر بي ، فسقطت عنه . قال : فقلت : ما هذا ؟ قال : ثم أخرجت قداحي فاستقسمت بها ، فخرج السهم الذي أكره لا يضره . قال : فأبيت إلا أن أتبعه . قال : فركبت في أثره ، فبينا فرسي يشتد بي ، عثر بي ، فسقطت عنه . قال : فقلت : ما هذا ؟ ، قال : ثم أخرجت قداحي فاستقسمت بها فخرج السهم الذي أكره لا يضره ، قال : فأبيت إلا أن أتبعه ، فركبت في أثره . فلما بدا لي القوم ورأيتهم ، عثر بي فرسي ، فذهبت يداه في الأرض ، وسقطت عنه ، ثم انتزع يديه من الأرض ، وتبعهما دخان كالإعصار . قال : فعرفت حين رأيت ذلك أنه قد منع مني ، وأنه ظاهر . قال : فناديت القوم : فقلت : أنا سراقة بن جعشم : انظروني أكلمكم ، فوالله لا أريبكم ، ولا يأتيكم مني شيء [ ص: 490 ] تكرهونه . قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر : قل له : وما تبتغي منا ؟ قال : فقال ذلك أبو بكر ، قال : قلت : تكتب لي كتابا يكون آية بيني وبينك . قال : اكتب له يا أبا بكر .
( قال ) : فكتب لي كتابا في عظم ، أو في رقعة ، أو في خزفة ، ثم ألقاه إلي ، فأخذته ، فجعلته في كنانتي ، ثم رجعت ، فسكت فلم أذكر شيئا مما كان حتى إذا كان فتح مكة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفرغ من حنين والطائف ، خرجت ومعي الكتاب لألقاه ، فلقيته بالجعرانة . قال : فدخلت في كتيبة من خيل الأنصار .
قال : فجعلوا يقرعونني بالرماح ويقولون : إليك ( إليك ) ، ماذا تريد ؟ قال : فدنوت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته ، والله لكأني أنظر إلى ساقه في غرزه كأنها جمارة . قال : فرفعت يدي بالكتاب ، ثم قلت : يا رسول الله ، هذا كتابك ( لي ) ، أنا سراقة بن جعشم ، قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يوم وفاء وبر ، ادنه . قال : فدنوت منه ، فأسلمت . ثم تذكرت شيئا أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه فما أذكره ، إلا أني قلت : يا رسول الله ، الضالة من الإبل تغشى حياضي ، وقد ملأتها لإبلي ، هل لي من أجر في أن أسقيها ؟ قال : نعم ، في كل ذات كبد حرى أجر قال : ثم رجعت إلى قومي ، فسقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقتي
عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغار مهاجرًا ومعه أبو بكر وعامر بن فهيرة مردفه أبو بكر وخلفه عبد الله بن أريقط الليثي، فسلك بهما أسفل من مكة ثم مضى بهما حتى هبط بهما على الساحل أسفل من عسفان، ثم استجاز بهما على أسفل أمج، ثم عارض الطريق بعد أن أجاز قديدًا، ثم سلك بهما الحجار، ثم أجاز بهما ثنية المرار، ثم سلك بهما الحفياء، ثم أجاز بهما مدلجة ثقف، ثم استبطن بههما مدلجة صحاح، ثم سلك بهما مذحج، ثم ببطن مذحج من ذي الغصن، ثم ببطن ذي كشد، ثم أخذ الجباجب، ثم سلك ذي سلم من بطن أعلى مدلجة، ثم أخذ القاحة، ثم هبط العرج، ثم سلك ثنية الغائر عن يمين ركوبه، ثم هبط بطن ريم، فقدم قباء على بني عمرو بن عوف.
عن عروة بن الزبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقي الزبير في ركب من المسلمين كانوا تجارًا قافلين من الشام فكسا الزبير رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر ثياب بياض، وسمع المسلمون بالمدينة بمخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة فكانوا يغدون كل غداة إلى الحرة فينتظرونه حتى يردهم حر الظهيرة، فانقلبوا يومًا بعد ما أطالوا انتظارهم، فلما أووا إلى بيوتهم أوفى رجل من زفر على أطم من آطامهم لأمر ينظر إليه، فبصر برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مبيضين يزول بهم السراب، فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته: يا معاشر العرب هذا جدكم الذي تنتظرون، فثار المسلمون إلى السلاح فتلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهر الحرف فعدل بهم ذات اليمين حتى نزل بهم في بني عمرو بن عوف وذلك يوم الإثنين من شهر ربيع الأول، فقام أبو بكر للناس وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم صامتًا، فطفق من جاء من الأنصار ممّن لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم يحيي أبا بكر حتى أصابت الشمس رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل أبو بكر حتى ظلل عليه بردائه فعرف الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك، فلبث رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة وأسس المسجد الذي أسس على التقوى وصلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم
فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء أياماً، وقيل: أربعة عشر يوماً، وأسس مسجد قباء ثم ركب بأمر الله تعالى فأدركته الجمعة في بني سالم بن عوف فصلاها في المسجد الذي في بطن الوادي رانوناً، ورغب إليه أهل تلك الدار أن ينزل عليهم فقال: «دعوها فإنها مأمورة» فلم تزل ناقته سائرة به لا تمر بدار من دور الأنصار إلا رغبوا إليه في النزول عليهم، فيقول: «دعوها فإنها مأمورة» .