ما اختص الله به أمة محمد صلى الله عليه وسلم من الخصائص
عن ثوبان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوى لي منها وأعطيت الكنزين، الأحمر والأبيض، وأني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة عامة ولا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم فأعطاني”
وعن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أقبل ذات يوم من العالية إلينا فقال – صلى الله عليه وسلم -: “سألت ربي ثلاثًا فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة. سألت ربي أن لا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها، وسألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها”
عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: “مثل أمتي مثل المطر، لا يدري أوله خيرٌ أم آخره”
قال الله تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}.
قال تعالى: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ}.
وقال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}.
قال تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}.
وقال سبحانه وتعالى: {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (135) قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}.
قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)}.
فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: مروا بجنازة، فأثنوا عليها خيرًا، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: (وجبت) ثم مروا بأخرى، فأثنوا عليها شرًا، فقال: (وجبت) فقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: ما وجبت؟ قال: (هذا أثنيتم عليه خيرا، فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شرا، فوجبت له النار. أنتم شهداء الله في الأرض).
وفي لفظ للبخاري (المؤمنون شهداء الله في الأرض).
وعند مسلم: (من أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة، ومن أثنيتم عليه شرا وجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء في الأرض، أنتم شهداء في الأرض).
قال تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا}.
وقال -عَزَّ وجَلَّ-: {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا}.
وقال الله تعالى: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا}.
قال تعالى: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ}.
عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال سمعت أبا القاسم – صلى الله عليه وسلم – يقول: (إن الله -عَزَّ وجَلَّ- يقول: “يا عيسى! إني باعث من بعدك أمة، إن أصابهم ما يحبون حمدوا وشكروا، وإن أصابهم ما يكرهون احتسبوا وصبروا, ولا حلم ولا علم. قال: يا رب! كيف هذا لهم ولا حلم ولا علم. قال: أعطيهم من حلمي وعلمي).
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (إن الله تجاوز لي عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل به).
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (إن الله -عَزَّ وجَلَّ- وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه).
وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (سألت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن الطاعون، فأخبرني أنه عذاب يبعثه الله على من يشاء، وأن الله جعله رحمة للمؤمنين ليس أحد يقع الطاعون فيمكث في بلده صابرًا محتسبًا يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتبه الله له كان له مثل أجر شهيد).
وعن معاوية بن حيدة أنه سمع النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول: في قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}: (أنكم تتمون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله تعالى).
وعن معاذ بن جبل قال: (رقبنا النبي – صلى الله عليه وسلم – في صلاة العتمة فأخر حتى ظن الظان أنه ليس بخارج والقائل منا يقول: صلى، فإنا لكذلك حتى خرج النبي – صلى الله عليه وسلم – فقالوا له كما قالوا، فقال لهم: (اعتموا بهذه الصلاة فإنكم قد فضلتم بها على سائر الأمم ولم تصلها أمة قبلكم).
عن حذيفة وأبي هريرة -رضي الله عنهما- أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا فكان لليهود يوم السبت، وكان للنصارى يوم الأحد، فجاء الله بنا فهدانا ليوم الجمعة، فجعل الجمعة والسبت والأحد، وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة، نحن الآخرون من أهل الدنيا والأولون يوم القيامة المقضي لهم قبل الخلائق).
وعن عائشة قالت: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام والتأمين).
وعن حذيفة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (فضلنا على الناس بثلاث: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجعلت لنا الأرض كلها مسجدًا، وجعلت تربتها لنا طهورا، إذا لم نجد الماء) وذكر خصلة أخرى
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (لا يجمع الله أمتي على ضلالة أبدا ويد الله على الجماعة).
قال تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا}.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: (لم تحل الغنائم لأحد سود الرؤوس من قبلكم، كانت تنزل نار من السماء فتأكلها …).
وفي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن الشيخين، واللفظ لمسلم -قال – صلى الله عليه وسلم -: (… فلم تحل الغنائم لأحد من قبلنا ذلك بأن الله تبارك وتعالى رأى ضعفنا وعجزنا فطيبها لنا) – وعند البخاري: فأحلها لنا.
قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}.
وقال -عَزَّ وجَلَّ- أيضًا: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ذكر يوم الجمعة فقال: (فيه ساعة لا يوفقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله تعالى شيئًا إلا أعطاه إياه وأشار بيده يقللها).
فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم).
وعن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ذكر جهادًا بين يدي الدجال فقالوا: أي المال خير يومئذ؟ قال: (غلام شديد يسقي أهله الماء، أما الطعام فليس) قالوا: فما طعام المؤمنين يومئذ، قال: (التسبيح والتكبير والتهليل) قالت عائشة: فأين العرب يومئذ؟ قال: (العرب يومئذ قليل).
وعن جابر -رضي الله عنه- قال سمعت النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول: (لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة، قال: فينزل عيسى ابن مريم – صلى الله عليه وسلم – فيقول أميرهم: تعال صل لنا، فيقول لا، إن بعضكم على بعض أمراء، تكرمة الله هذه الأمة).
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (إن الله يبعث أو يقيض لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها)
روى البخاري في صحيحه عن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال: لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون.
وروى عن معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهما- قال: سمعت النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول: ولن يزال أمر هذه الأمة مستقيمًا حتى تقوم الساعة أو حتى يأتي أمر الله.
وروى مسلم في صحيحه عن جابر بن سمرة -رضي الله عنه- قال: سمعت النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول: لا يزال الدين قائمًا حتى تقوم الساعة.
وروى أحمد في مسنده عن معاوية بن قرة -رضي الله عنه- قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ولن تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة.
وروى الحاكم في المستدرك عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول: لا يجمع الله أمتي أو قال هذه الأمة على الضلالة أبدًا ويد الله على الجماعة.
فعن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: (إنما أجلكم -في أجل من خلا من الأمم- ما بين صلاة العصر إلى مغرب الشمس. وإنما مثلكم ومثل اليهود والنصارى كرجل استعمل عمالًا فقال: من يعمل لي إلى نصف النهار على قيراط قيراط؟ فعملت اليهود إلى نصف النهار على قيراط قيراط. ثم قال: من يعمل لي من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط قيراط؟ فعمل النصارى من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط قيراط. ثم قال: من يعمل لي من صلاة العصر إلى مغرب الشمس على قيراطين قيراطين. ألا فأنتم الذين يعملون من صلاة العصر إلى مغرب الشمس على قيراطين قيراطين. ألا لكم الأجر مرتين. فغضبت اليهود والنصارى، فقالوا: نحن أكثر عملًا وأقل عطاء! قال الله: هل ظلمتم من حقكم شيئًا؟ قالوا: لا، قال: فإنه فضلي أعطه من شئت).
وعن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه-، عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: (مثل المسلمين واليهود والنصارى كمثل رجل استأجر قومًا يعملون له عملًا: يوما إلى الليل على أجر معلوم، فعملوا له نصف النهار، فقالوا: لا حاجة لنا إلى أجرك الذي شرطت لنا، وما عملنا باطل، فقال لهم: لا تفعلوا، أكملوا بقية عملكم، وخذوا أجركم كاملًا، فأبوا وتركوا. واستأجر آخرين بعدهم، فقال: أكملوا بقية يومكم هذا ولكم الذي شرطت لهم من الأجر، فعملوا حتى إذا كان حين صلاة العصر قالوا: لك ما عملنا باطل، ولك الأجر الذي جعلت لنا فيه، فقال لهم: أكملوا بقية عملكم، فإن ما بقي من النهار شيء يسير، فأبوا، فاستأجر قوما أن يعملوا بقية يومهم، فعملوا بقية يومهم، حتى إذا غابت الشمس، واستكملوا أجر الفريقين كليهما، فذلك مثلهم ومثل ما قبلوا من هذا النور. وفي رواية الإسماعيلي: (فذلك مثل المسلمين الذين قبلوا هدى الله وما جاء به رسوله ومثل اليهود والنصارى، تركوا ما أمرهم الله).
فالطائفة الأولى: هم اليهود، والثانية: هم النصارى، والثالثة التي لها الأجر مرتين: هم المسلمون. وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال في حديث الشفاعة عن النبي – صلى الله عليه وسلم – (ونحن الآخرون الأولون فنحن آخر الأمم وأول من يحاسب فتفرج لنا الأمم عن طريقنا فنمضي غرا محجلين من أثر الطهور)
عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (تحشر هذه الأمة على ثلاثة أصناف: صنف يدخلون الجنة بغير حساب وصنف يحاسبون حسابا يسيرا ثم يدخلون الجنة، وصنف يجيئون على ظهورهم أمثال الجبال الراسيات ذنوبا، فيسأل الله عنهم -وهو أعلم بهم- فيقول: ما هؤلاء؟ فيقولون هؤلاء عبيد من عبادك، فيقول: حطوها عنهم، واجعلوها على اليهود والنصارى، وأدخلوهم برحمتي الجنة)
وفي رواية لمسلم عن أبي موسى -رضي الله عنه-، عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: (يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال، فيغفرها الله لهم، ويضعها على اليهود والنصارى …)
وفي رواية له عنه قال – صلى الله عليه وسلم -: (لا يموت رجل مسلم إلا أدخل الله مكانه النار يهوديًا أو نصرانيا).
وفي رواية له عنه أيضًا قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (إذا كان يوم القيامة دفع الله -عَزَّ وجَلَّ- إلى كل مسلم يهوديًا أو نصرانيًا فيقول: هذا فكاكك من النار)
عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فأسند ظهره على قبة أدم فقال: (ألا لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة. اللَّهم هل بلغت؟ اللَّهم اشهد. أتحبون أنكم ربع أهل الجنة؟) قالوا: نعم يا رسول الله،قال: (أتحبون أن تكونوا ثلث أهل الجنة؟) قالوا: نعم يا رسول الله، قال: (إني لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجنة، ما أنتم في سواكم من الأمم إلا كالشعرة السوداء في الثور الأبيض، أو كالشعرة البيضاء في الثور الأسود).
وفي حديث أبي سعيد -رضي الله عنه-، عنه – صلى الله عليه وسلم – قال: (والذي نفسي بيده إني لأطمع أن تكونوا ثلث أهل الجنة) قال: فحمدنا الله وكبرنا، ثم قال: (والذي نفسي بيده إني لأطمع في أن تكونوا شطر أهل الجنة …) ثم ساق بنحوه.
وعن جابر -رضي الله عنه-، أنه سمع النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول: (إني لأرجو أن يكون من تبعني من أمتي ربع أهل الجنة) قال: فكبرنا، ثم قال: (أرجو أن يكونوا ثلث أهل الجنة) قال: فكبرنا ثم قال: (أرجو أن يكونوا الشطر)
بل في حديث بريدة ما هو أكثر من النصف: إنما هو الثلثان، ويكون الثلث الباقي من سائر الأمم.
فعن بريدة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (أهل الجنة عشرون ومائة صف: ثمانون منها من هذه الأمة، وأربعون من سائر الأمم)
عن ثوبان رضي الله تعالى عنه قال: كنت عند النبي – صلى الله عليه وسلم – فجاء حبر من اليهود، فقال: أين الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (في الظلمة دون الجسر)، قال: فمن أول الناس إجازة؟ قال: (فقراء المهاجرين)، قال: فما تحفتهم حين يدخلون الجنة؟ قال: (زيادة كبد نون)، قال: فما غذاؤهم على أثره؟ قال: (ينحر لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها)، قال: فما شرابهم عليه؟ قال: (من عين فيها تسمى سلسبيلا)، قال: قال: صدقت، قال: وجئت أسأل عن شيء لا يعلمه أحد من أهل الأرض إلا نبي أو رجل أو رجلان، جئت أسأل عن الولد؟ قال: (ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر، فإذا اجتمعا فعلا مني الرجل مني المرأة أذكرا بإذن الله، وإذا علا مني المرأة من الرجل أنثا بإذن الله) قال اليهودي: صدقت، وإنك لنبي، ثم انصرف فقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: (إنه سألني هذه الذي سألني عنه وما أعلم شيئًا منه حتى أتاني الله به)
*من فضائل أمة محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أن الله يقبل شفاعة بعضهم لبعض
فعن عبد الله بن شقيق قال: كنت مع رهط بإيلياء فقال رجل منهم: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: (يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من بني تميم) قيل: يا رسول الله سواك؟ قال: (سواي) فلما قام قلت: من هذا؟ قالوا: هذا ابن أبي الجدعاء.
وعن الحارث بن أقيش -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (إن الرجل من أمتي من يدخل الجنة بشفاعته. أكثر من مضر)
وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: (إن الرجل من أمتي ليشفع للفئام من الناس، فيدخلون الجنة بشفاعته، وإن الرجل ليشفع للقبيلة من الناس فيدخلون الجنة بشفاعته، وإن الرجل ليشفع للرجل وأهل بيته فيدخلون الجنة بشفاعته).
وفي رواية الترمذيّ زيادة: (ومنهم من يشفع للعصبة، ومنهم من يشفع للرجل حتى يدخلوا الجنة).
قال الله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ}.
عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: (قلنا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة …) الحديث، وفيه (ثم قال: ينادي مناد: ليذهب كل قوم إلى ما كانوا يعبدون، أصحاب الصليب مع صليبهم، وأصحاب الأوثان مع أوثانهم، وأصحاب كل ألهة مع آلهتهم … حتى يبقى من كان يعبد الله من بر أو فاجر، فيقال لهم: ما يحبسكم وقد ذهب الناس؟ فيقولون: فارقناهم ونحن أحوج منا إليه اليوم، وإنا سمعنا مناديًا ينادي: ليلحق كل قوم بما كانوا يعبدون، وإنما ننتظر ربنا … فيقول: هل بينكم وبينه آية تعرفونه؟ فيقولون: الساق، فيكشف عن ساقه فيسجد له كل مؤمن، ويبقى من كان يسجد لله رياء وسمعة …)
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أن ناسًا قالوا لرسول الله – صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر؟ …) الحديث، وفيه: (فإنكم ترونه كذلك، يجمع الله الناس يوم القيامة، فيقول من كان يعبد شيئا فليتبعه، فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس، ويتبع من كان يعبد القمر القمر، ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها، فيأتيهم الله تبارك وتعالى، في صورة غير صورته التي يعرفون، فيقول أنا ربكم، فيقولون، نعوذ بالله منك، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا. فإذا جاء ربنا عرفناه، فيأتيهم الله تعالى في صورته التي يعرفون، فيقول أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا فيتبعونه) متفق عليه.
وحدثنا محمد بن النضر الأزدي وعبد الله بن أحمد بن حنبل والحضرمي قالوا ثنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة الحراني ثنا محمد بن سلمة الحراني عن أبي عبد الرحيم عن زيد بن أبي أنيسة عن المنهال بن عمرو عن أبي عبيدة بن عبد الله عن مسروق بن الأجدع ثنا عبد الله بن مسعود عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “يجمع الله الأولين والآخرين لميقات يوم معلوم قيامًا أربعين سنة شاخصة أبصارهم إلى السماء ينتظرون فصل القضاء، قال وينزل الله -عَزَّ وجَلَّ- في ظلل من الغمام من العرش إلى الكرسي ثم ينادى مناد أيها الناس ألم ترضوا من ربكم الذي خلقكم ورزقكم وأمركم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا أن يولي كل ناس منكم ما كانوا يتولون ويعبدون في الدنيا أليس ذلك عدلًا من ربكم؟ قالوا: بلى، قال فلينطلق كل قوم إلى ما كانوا يعبدون في الدنيا، قال فينطلقون ويمثل لهم أشياء ما كانوا يعبدون، فمنهم من ينطق إلى الشمس ومنهم من ينطلق إلى القمر وإلى الأوثان من الحجارة وأشباه ما كانوا يعبدون، قال ويمثل لمن كان يعبد عيسى شيطان عيسى ويمثل لمن كان يعبد عزيرًا شيطان عزير ويبقى محمد – صلى الله عليه وسلم – وأمته، قال فيتمثل الرب -عَزَّ وجَلَّ- فيأتيهم فيقول ما لكم لا تنطلقون كما انطلق الناس، قال فيقولون إن لنا لإلهًا ما رأيناه بعد، فيقول هل تعرفونه إن رأيتموه؟ فيقولون أن بيننا وبينه علامة إذا رأيناها عرفناها، قال فيقول ما هي؟ فيقولون يكشف عن ساقه، قال فعند ذلك يكشف عن ساق فيخر كل من كان بظهره طبق ساجدًا ويبقى قوم ظهورهم كصياصي البقر يريدون السجود فلا يستطيعون وقد كان يدعون إلى السجود وهم سالمون، ثم يقول ارفعوا رؤوسكم فيرفعون رؤوسهم فيعطيهم نورهم على قدر أعمالهم، فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل العظيم يسعى بين يديه، ومنهم من يعطى نوره أصغر من ذلك ومنهم من يعطى نوره مثل النخلة بيمينه، ومنهم من يعطى نورًا أصغر من ذلك حتى يكون آخرهم رجلًا يعطى نوره على إبهام قدمه يضيء مرة ويطفى مرة، فإذا أضاء قدم قدمه فمشى وإذا طفيء قام، قال فيمرون على الصراط، والصراط كحد السيف دحض مزلة فيقال لهم مروا فيمرون على قدر نورهم، منهم من يمر كطرف العين، ومنهم من يمر كالبرق، ومنهم من يمر كالسحاب، ومنهم من يمر كانقضاض الكوكب، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كشد الفرس، ومنهم من يمر كشد الرجل حتى يمر الذي أعطي نوره على إبهام قدميه يحبو على وجهه ويديه ورجليه تخر يد وتعلق يد وتخر رجل وتعلق رجل ويصيب جوانبه النار، فلا يزال كذلك حتى يخلص فإذا خلص وقف عليها، ثم قال الحمد لله لقد أعطاني الله ما لم يعط أحدًا أن نجاني منها بعد إذ رأيتها، قال فينطق به إلى غدير عند باب الجنة فيغتسل فيعود إليه ريح أهل الجنة وألوانهم فيرى ما في الجنة من خلال الباب فيقول رب أدخلني الجنة فيقول الله له أتسأل الجنة وقد نجيتك من النار فيقول رب اجعل بيني وبينها حجابًا لا أسمع حسيسها، قال فيدخل الجنة قال فيرى أو يرفع له منزلًا أمام ذلك كأنما هو فيه إليه حلم فيقول رب أعطني ذلك المنزل فيقول له فلعلك أن أعطيتكه تسأل غيره، فيقول لا وعزتك لا أسألك غيره وأي منزل يكون أحسن منه فيعطيه فينزله ويرى أمام ذلك منزلًا كأنما هو فيه إليه حلم قال رب أعطني ذلك المنزل فيقول الله -عَزَّ وجَلَّ- له فلعلك أن أعطيتكه تسأل غيره فيقول لا وعزتك لا أسألك غيره وأي منزل يكون أحسن منه قال فيعطى منزله قال ويرى أو يرفع له أمام ذلك منزل آخر كأنما هو إليه حلم فيقول أعطني ذلك المنزل فيقول الله جل جلاله فلعلك إن أعطيتكه تسأل غيره، قال لا وعزتك لا أسأل غيره وأي منزل يكون أحسن منه، قال فيعطاه فينزله ثم يسكت، فيقول الله -عَزَّ وجَلَّ- مالك لا تسأل، فيقول رب لقد سألتك حتى استحييتك وأقسمت لك حتى استحييتك، فيقول الله تعالى ألم ترض أن أعطيك مثل الدنيا منذ خلقتها إلى يوم أفنيتها وعشرة أضعافها، فيقول أتستهزيء بي وأنت رب العزة فيضحك الرب -عَزَّ وجَلَّ- من قوله، قال فرأيت عبد الله بن مسعود إذا بلغ هذا المكان من هذا الحديث ضحك فقال له رجل يا أبا عبد الرحمن قد سمعتك تحدث هذا الحديث مرارًا كلما بلغت هذا المكان ضحكت فقال أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث هذا الحديث مرارًا كلما بلغ هذا المكان من هذا الحديث ضحك حتى تبدوا أضراسه، قال فيقول الرب -عَزَّ وجَلَّ- لا ولكني على ذلك قادر سل، فيقول ألحقني بالناس فيقول ألحق الناس قال فينطلق يرمل في الجنة حتى إذا دنا من الناس رفع له قصر من درة فيخر ساجدًا فيقال له ارفع رأسك ما لك؟ فيقول رأيت ربي أو تراءى لي ربي فيقال له إنما هو منزل من منازلك، قال ثم يلقى رجلًا فيتهيأ للسجود له فيقال له مه ما لك؟ فيقول رأيت أنك ملك من الملائكة فيقول إنما أنا خازن من خزانك عبد من عبيدك تحت يدي ألف قهرمان على مثل ما أنا عليه، قال فينطلق أمامه حتى يفتح له القصر قال وهو في درة مجوفة سقائفها وأبوابها وأغلاقها ومفاتيحها منها تستقبله جوهرة خضراء مبطنة بحمراء كل جوهرة (تفضي إلى جوهرة على) غير لون الأخرى في كل جوهرة سرر وأزواج ووصائف أدناهن حوراء عيناء عليها سبعون حلة يرى مخ ساقها من وراء حللها خدها مرآته وخده مرآتها إذا أعرض عنها إعراضة ازدادت في عينه سبعين ضعفا عما كانت قبل ذلك وإذا أعرضت عنه إعراضة ازداد في عينها سبعين ضعفا عما كان قبل ذلك.
فيقول لها والله لقد ازددت في عيني سبعين ضعفا وتقول له وأنت والله لقد ازددت في عيني سبعين ضعفا، فيقال له أشرف قال فيشرف فيقال له ملكك مسيرة مائة عام ينفذه بصره، قال فقال عمر ألا تسمع ما يحدثنا أم عبد يا كعب عن أدنى أهل الجنة منزلا فكيف أعلاهم؟ فقال كعب يا أمير المؤمنين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، إن الله -عَزَّ وجَلَّ- جعل دارًا فجعل فيها ما شاء من الأزواج والثمرات والأشربة ثم أطبقها ثم لم يرها أحد من خلقه لا جبريل ولا غيره من الملائكة ثم قرأ كعب {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} قال وخلق دون ذلك جنتين وزينهما بما شاء وأراهما من شاء من خلقه ثم قال فمن كان كتابه في عليين نزل تلك الدار التي لم يرها أحد حتى أن الرجل من أهل عليين ليخرج فيسير في ملكه، فما تبقى خيمة من خيم الجنة إلا دخلها من ضوء وجهه فيستبشرون بريحه فيقولون واها لهذا الريح هذا رجل من أهل عليين قد خرج يسير في ملكه، فقال ويحك يا كعب أن هذه القلوب قد استرسلت فاقبضها، فقال كعب والذي نفسي بيده إن لجهنم يوم القيامة لزفرة ما من ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا يخر لركبتيه حتى إن إبراهيم خليل الله ليقول رب نفسي نفسي حتى لو كان لك عمل سبعين نبيًا إلى عملك لظننت أنك لا تنجو منها.
وتصديقًا لهذا الحديث ما جاء في سورة الأنبياء من آية (97 – 103) قال تعالى: {وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَاوَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ (97) إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (98)
لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ (99) لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ (100) إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101) لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ (102) لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ}.
وكذلك قوله تعالى في سورة القلم {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ}